آخبار عاجل

التاريخ لن يتسامح إلى الأبد بإنكار الحق الفلسطيني – وسوف يصحح مساره بقلم: طلال أبوغزاله 

20 - 11 - 2022 12:38 145


وصلتني قبل أيام رسالة بالبريد الإلكتروني مرفق بها مقال منسوبة للكاتب الإسرائيلي "آري شافيت" وأنها نشرت في النسخة العبرية من جريدة هآرتس. وبالرغم من أنني لم أتمكن من العثور على أصل المقال، إلا أن ما ورد فيها يطابق الواقع الذي انتهت إليه اسرائيل في العقد الثامن من عمرها: الواقع الذي يشكل قناعة رئيسية لدي – ليس الآن، وليس من خلال متابعة الأحداث منذ هُجّرت وعائلتي قسراً من يافا عام 1948، في قارب بسيط، هامٍ في بحر مظلم، آملاً في إيصال العائلات المُهجّرة التي اكتظّت فوقه إلى أرض آمنة. لطف الله وبعد رحلة طويلة محفوفة بالمخاطر رمى بنا القارب على شواطئ لبنان؛
منذ تلك الرحلة الرهيبة تشكلت لدي القناعة الراسخة أن الظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني لن يستمر، وأن اسرائيل التي تمكنت من طرد الفلسطينيين وإحلال المستوطنين الصهاينة مكانهم لن تنعم بسلام، ولا باستقرار مهما طال الزمن، ومهما بَنَت من قوّة عسكرية ومهما حظيت به من دعم دولي غير مستحق، وحماية دولية من العقاب على جرائمها وانتهاكاتها وحروبها المدمرة على شعب بريء أعزل لم يكن له من ذنب سوى أن الاختيار وقع على وطنه ليصبح وطناً لغيرهم من قبل قوى جبارة ظالمة لم تعرف لقيم العدالة والحق والانسانية أي معنى. أهم من كل ذلك أن تلك القوى الجبارة – المتمثلة بالدول الكبرى -لم تعرف للقانون أي معنى في كل ما تعلق، أو يتعلق بانتهاكات اسرائيل المستمرّة للقانون الدولي وعدم التزامها بمئات القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة – من الجمعية العامة أو من مجلس الأمن.
ما هو منسوب للكاتب آري شافيت في المقال المشار إليه تردّد على مدى الأشهر والسنوات الماضية على لسان كتاب ومحللين اسرائيليين آخرين وغيرهم.
يقول شافيت: "يبدو أننا تجاوزنا نقطة اللا عودة، وأنه ليس بمقدور اسرائيل أن تنهي الاحتلال، وتتوقف عن بناء المستوطنات وتحقيق السلام. كما يبدو أنه ليس من الممكن إصلاح الصهيونية، وإنقاذ الديمقراطية."
"ذلك" يضيف قائلاً: "لا معنى للبقاء في هذا البلد ..... وأن على كل اسرائيلي أن يرحل إلى سان فرانسيسكو او برلين أو باريس."
ويقول "إن الاسرائيليين منذ جاؤوا لفلسطين يدركون أنهم نتاج كذبة اخترعتها الحركة الصهيونية، ومن خلالها استغل الخبث لترويجها عبر التاريخ."
ويتهم شافيت إسرائيل، دون غيرها، بإدامة الاحتلال والاستيطان وإنكار الحق، بل إنكار الوجود الفلسطيني برمّته، رغم بطلان المزاعم حول "الهيكل" الذي يقول إنه "كذبة" وأنه "حكاية خيالية" Fairy tale لا وجود لها، كما أنه لا وجود لهيكل سليمان.
وبغض النظر عن صحّة النقل إلا أن هذه الأقوال تردّدت على لسان الكثيرين من الباحثين والمؤرخين. ولكن المدلول أعمق من ذلك.
فبغض النظر عن كل ما ورد، فإن الواقع الصعب الذي تواجهه اسرائيل هو أن الشعب الفلسطيني لم يختف كما كانت توقعات الصهاينة في البداية. فعلى أرض فلسطين التاريخية اليوم أكثر من سبعة ملايين فلسطيني يتفوقون عدداً عن الإسرائيليين اليهود. ولكن، وما هو أهم من العدد هو التمسك بالأرض وعدم الاستسلام للواقع على مرارته. يقول شافيت: "يبدو أن الفلسطينيين يختلفون عن بقية الجنس البشري. لقد احتلينا أرضهم ووصفنا فتياتهم بالعاهرات، واعتقدنا أنهم سينسون وطنهم وأرضهم بمرور الوقت. وأنهم إذا انتفضوا ضدّنا سنزجهم في السجون ونتركهم يكبرون في السجون، وأننا سندمر بيوتهم ونحاصرهم بالأسوار العازلة ونحاربهم بالعقول، ولكنهم لم يستسلموا، ويبدو أننا نواجه أكثر شعوب الأرض مراساً وصعوبة، وبالتالي فليس أمام اسرائيل إلا انهاء الاحتلال والاعتراف بحقوقهم."
ولكني بدوري أقول إن اسرائيل لن تنهي احتلالها ولن تدمر مستوطناتها ولن تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني من تلقاء نفسها، حتى وإن كان هذا التعنت الأعمى هو الذي سيقضي عليها كما يقول محللون كثيرون. 
لقد رفضت اسرائيل كل الحلول والتسويات السخيّة التي عرضها الفلسطينيون والدول العربية على مدى العقود لأنها تطمع بكل الأراضي الفلسطينية وأكثر من ذلك كما يشهد على ذلك احتلالها للأراضي السورية واللبنانية فوق احتلالها لكامل الأراضي الفلسطينية.
لقد استطاعت اسرائيل أن تبني قوّة عسكرية هائلة. ولديها ترسانة نووية ضخمة. وهي تحظى بدعم دولي – امريكي خاصة – هائل، وهي محمية نتيجة لذلك من أية عواقب أو عقوبات على انتهاكاتها لحقوق الشعب الفلسطيني وللقرارات والقوانين الدولية مع كل ذلك، ومع كل ما استطاعت كسبه من علاقات تطبيعية فإن الخطر الحقيقي لا يزال يهددها وهو الوجود الفلسطيني – الخطر الديمغرافي – الذي وضع اسرائيل أمام خيارين لا ثالث لهما: وهما إما دولة عنصرية يمينية تعيش على أنقاض شعب آخر وتحل مكانه على أرضه، أو تعترف بحقوق هذا الشعب كاملة غير منقوصة بما في ذلك انهاء الاحتلال وحق العودة وإعادة كل الأملاك الخاصة التي اغتصبت من الفلسطينيين منذ بداية الصراع إلى أصحابها وأهلها الشرعيين. 
هذا هو الخطر الذي يواجه اسرائيل – الوجود الفلسطيني – والذي يزداد ضخامة وقوّة وصلابة مع مرور الزمن. ويزداد الشعب الفلسطيني تمسكاً بالأرض وتزداد قدرته على التحدي والتصدّي لكل محاولات القمع والبطش الاسرائيلية مهما بلغت.
هل نستغرب أن يطلب أي كاتب اسرائيلي من الإسرائيليين أن يستعدوا للرحيل أمام هذا الواقع الصارخ.
علمنا التاريخ أن هنالك حقائق لا يمكن تجاوزها: أهمها أن أجل إسرائيل في أن يستمر احتلالها لأرض فلسطين، وأسرها لأهل فلسطين وتنكيلها بهم ومحاولة محوهم من الوجود هذا الأمل لا يمكن له أن يتحقق. والأحداث اليومية في فلسطين تقدم دليلا صارخا على تلك الحقيقة الصارخة والحتمية كل لحظة. 



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved